بداية هذه العادة
تتخبط الروايات التاريخية بخصوص نسب هذه العادة الى شخص معين ولكن تَذكر
الكثير من الروايات أن أول من وأد البنات هو قيس بن عاصم وهو سيد من سادات العرب
ولقد ادرك الإسلام وأسلم ويذكر أنه قصد الرسول وقال له أني وأد ثمانية من بناتي
فقال له الرسول: « أعتق عن كل واحدة منهن رقبة»، فقال: " يا رسول
الله إني صاحب إبل" قال: « فانحر عن كل واحدة منهن بدنة». وفيها نزلت آية في
القرآن هي: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ).ولكن يقول المؤرخين أن هذه العادة موجود
قديماً وقبل قيس بن عاصم , مثل ما ذكروه عن سودة بنت زهرة القرشية الكاهنة، التي أراد والدها
وأدها لأنها ولدت زرقاء (لونها مائل إلى الأزرق كدليل على سقمها). والوأد عند
العرب أقدم من ذلك، وربما يعود إلى ما قبل الميلاد، أما نسبتها إلى قيس، فقد يعود
إلى اشتهاره بوأد عدد كبير من بناته، يراوح بين 18 و12 بنتاً، بحسب ما يذكر هاني
أبو الرب.
سبب هذه العادة
تعدد الأسباب ولكن ما يُذكر عن قيس بن عاصم أنه في أحد الأيام أغار النعمان
بن منذر على قبيلته وأسر بناته فلما ذهبوا سادت القوم لكي يتوسطوا ويرجعوا السبايا
خَير النعمان بن المنذر السبايا فيما أذا رغبن في العودة الى ديارهن او البقاء مع
سابيهن فاختارت بنت قيس أن تبقى مع سابيها فغضب قيس على أثر هذه الحدث وحلف أن اذا
جاءته بنت بعد اليوم أن يقتلها. وهناك اسباب أخرى كالجوع والفقر لان العرب سابقا
كانوا يعيشون في صحراء قاحلة وقليلة الموارد
محيي الموءودات
ذكر الحوفي في كتابه أن صعصعة
بن ناجية جد الفرزدق سمي بـ"محيي الموءودات"، وكان السبب في مكرمته هذه
أنه مر برجل من قومه، تميم، يحفر بئراً، وامرأته تبكي فقال لها صعصعة: ما يبكيك؟
قالت: يريد أن يئد ابنتي هذه. فقال له: ما حملك على هذا، قال: الفقر. قال: إني
اشتريتها منك بناقتين يتبعهما أولادهما تعيشون بألبانهما، ولا تئد الصبية. فرضي
الرجل، وأعطاه الناقتين وجملاً فحلاً، وقال في نفسه: إن هذه لمكرمة ما سبقني إليها
أحد من العرب، فجعل على نفسه ألا يسمع بموءودة إلا فداها. فجاء الإسلام وقد فدى
300 موءودة، وقيل 400. وايضاً زيد بن عمرو بن نفيل القرشي، فكان يستحيي الموءودات، فإذا
بصر برجل يهم بوأد ابنته قال له: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤونتها، ويأخذها وينفق
عليها حتى تكبر، ثم يقول لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها. وقيل
إنه أحيا 96 موءودة.
الوأد عند العرب بين الوهم
والحقيقة
في كتابه "الوأد عند
العرب بين الوهم والحقيقة"، قال الدكتور مرزوق بن تنباك، إنه إذا أخذنا
المجال الزمني الذي بدأ به الوأد، كما زعمت روايات المؤرخين، يكون قيس هذا قد جاوز
الأربعين عندما بدأ الوأد، لأن البنت التي يزعم أنها السبب في سَنِّهِ الوأد لها،
زوج لم ترد أن تعود إليه. وستكون فوق العشرين من العمر حين اختيارها لسابيها على
أبيها وزوجها، وفي سن تمكنها من الاختيار. وقد أدرك قيس النبي وعاش بعده ومات في
البصرة سنة 47 للهجرة، ولم يذكر أحد أنه من المعمرين، ويكون عمره دون
السبعين عند موته، قضى نصفها أو أكثر في الإسلام، فإذا أخذنا العمر وحده، وجدنا
أنه يستحيل أن يولد له هذا العدد من البنات بعد الأربعين من العمر، ثم يئدهن
جميعاً، فقد رووا أنه وأد 8 بنات أو بضع 10 كما تزعم الرواية، أو 12 في رواية
أخرى.
وأد الذكور
وذكر هاني أبو الرب
أن وأد الذكور كان موجوداً عند القبائل البدوية في سنوات القحط والجفاف ،حيث كانت بعض القبائل التي مر عليها القحط تأكل العلهز، وهو طعام
كانوا يتخذونه من وبر الإبل مخلوطاً بالدم ثم يشوونه بالنار ويأكلونه من شدة الجوع. أحياناً تم وأد الذكور لعقيدة
دينية عندهم، كتقديمهم قرابين للآلهة وفاءً لنذورهم، كما فعل عبد المطلب حين أراد
ذبح ولده عبد الله بأنه نذر إن ولد له 10 أبناء أن يذبح أحدهم للآلهة، لكن إخوة
عبد الله لم يسمحوا بذبحه واحتجت قريش على ذلك حتى لا تصير سنة فيهم، فافتداه بمئة
من الإبل بناءً على مشورة الكهنة، كما أشار الباحث في دراسته.
الوأد عند الثقافات
الأخرى
يذكر أيضا ان العديد
من الثقافات الغير عربية كان لها سُنن مشابه لهذه السنة حيث كانوا يقتلون الأطفال
وبالأخص الإناث منهم . وفي الصين يعود تأريخ وأد الأطفال الى 2000 سنة حيث كانوا
يقتلون الأطفال في الأنهار او يرمونهم في أكوام القمامة. وفي الهند أيضا توجد هذه
العادة حيث توارثتها الأجيال حتى أصبحت ثقافة موروثة لدى العديد من العائلات
الهندية.
إعداد وتقديم : علي الميثم
المصادر :هاني أبو الرب في دراسته
"الوأد عند العرب قبل الإسلام وموقف الإسلام منه " والمنشورة عام 2009،
بمجلة دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية
الصادرة عن الجامعة الأردنية
ليست هناك تعليقات